«ترويج المخدرات في الجامعات»: جولة الاستئناف الأخيرة

في 30 أيار 2013 كشفت «الأخبار» فضيحة أقلقت قصر العدل: نافذون ضغطوا على قضاة لتبرئة أولادهم من قضية ترويج مخدرات. عوقب القضاة، إلا أن محكمة المطبوعات أدانت «الأخبار» والزميل محمد نزال على فضح القضية في سابقة فريدة من نوعها، ما دفع «الأخبار» إلى استئناف الحكم لتُستكمل اليوم الجلسة الأخيرة قبل صدور الحكم النهائي

p07_20150115_pic1

لا تزال قضية شبكة ترويج المخدرات في جامعات بيروت، تدور في أروقة قصر العدل الى اليوم. القضية التي هزّت الجسم القضائي بسبب تشهير «الأخبار» في 30 أيار 2013 بقضاة رضخوا للضغوط وحاولوا تبرئة أولاد نافذين متورطين (راجع تقرير الزميل محمد نزال بعنوان «قضاة وضباط يحمون شبكة مخدرات: ابن «النافذ» يفلت من العقاب»). نظراً إلى متانة الأدلة ضد هؤلاء القضاة، صدرت قرارات تأديبية بحقهم، ومنهم القاضية رندا يقظان التي خفضت رتبتها درجتين.

إلا أن محكمة المطبوعات قررت في 24 شباط 2014 أن تناصر القاضية المذكورة، فقررت إدانة «الأخبار» والزميل نزال وألزمهتما بتسديد تعويض مالي الى القاضية «المُدانة» التي تقدّمت بادعاء القدح والذم والتشهير.

أتى الحكم صادماً، لأنه تجاهل ثبوت المعلومات الواردة ورفض الاطلاع على قرارات المجلس التأديبي بحق القاضية، ما دفع «الأخبار» ونزّال الى استئناف الحكم في 6 آذار 2014 ضد القاضية يقظان، باعتبار أن محكمة المطبوعات تغلب «كرامة المتنفذين على المصلحة العامة التي اقتضت النشر».

تُكمل اليوم الرئيسة المنتدبة لمحكمة التمييز الجزائية القاضية مادي مطران النظر في الاستئناف المقدّم. ستحدد اليوم تاريخ إصدار الحكم النهائي، فإما أن تصدر حكماً يؤكّد حكم رئيس محكمة المطبوعات القاضي روكس رزق، أو أن تصدر حكماً تبطل بموجبه التعقبات بحق «الأخبار» ونزّال، وإما أن تصدر قراراً إعدادياً تفتح فيه المحاكمة لإثبات صحة الوقائع المنشورة كما فعل أخيراً رزق في 3 دعاوى. المرافعة التي ستقدّمها وكيلة «الأخبار» المحامية رنا صاغية سترتكز على أمر أساسي مفاده التحقق من صحة الأخبار المنشورة وإعطاء الجهة المستأنفة الحق في الاستحصال على المستندات القضائية التي تثبت مضمون المقال.

القضية الأساس هي عدم إصدار حكم على صحافي من دون فتح تحقيق كامل في المعلومات المنشورة

فقد سبق أن تقدمت «الأخبار» بلائحة طلبت فيها من المحكمة السماح باستجواب المستأنف عليها القاالمخدراتضية يقظان والمستأنف الصحافي محمد نزال، إضافة إلى الدعوة الى الشهادة كلاً من وزير العدل السابق شكيب قرطباوي، الذي أكد أن الخبر ليس كاذباً طالما أن التفتيش تحرّك على أساسه، والقاضيين بلال ضناوي وجعفر قبيسي اللذين أكدا أن المقال ليس كاذباً، على الرغم من كون القاضي قبيسي متضرراً من النشر وقدّم استقالته على الفور. كما طلبت «الأخبار» إلزام الجهة المستأنف عليها بإبراز نسخة عن الحكمين الصادرين عن المجلس التأديبي في درجتيه الأولى والعليا، أو الترخيص بالاستحصال عليهما من المرجع المختص وذلك بهدف إثبات حقيقة الأفعال. وأخيراً، طلبت الترخيص بالاستحصال على إفادة من قاضي التحقيق الناظر في قضية الاتجار بالمخدرات التي تناولها المقال بخصوص المرحلة التي وصلت إليها، على أن يكون لنا حق الاستحصال على كامل الملف في حال بلوغه مرحلة علنية. نعود هنا إلى المادة 387 من قانون عقوبات التي تبرئ «الظنين إذا كان موضوع الذم عملاً ذا علاقة بالوظيفة وثبتت صحته». القضية الأساس اليوم هي عدم جواز إصدار حكم على صحافي من دون فتح تحقيق كامل في المعلومات التي ينشرها والتحقق من صحتها. والهدف الرئيس من هذه القضية تحديداً، كما جاء في الاستئناف المقدّم من «الأخبار»، هو إحالة الملف إلى النيابة العامة عند التثبت من وقائع التدخل في القضاء لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق الجهة المتدخلة عملاً بأحكام قانون العقوبات وردعاً لثقافة التدخل في القضاء والتي باتت تشكل الخطر الأكبر على مبدأ المساواة أمام القضاء. فقد حان أن نعبر من ثقافة التدخل في القضاء الى ثقافة استقلال القضاء.

أضف تعليق